يعد إضطراب ضعف الإنتباه والنشاط الزائد من أكثر الإضطرابات إنتشارا في مرحلة الطفولة حيث تصل نسبة إنتشاره بين أطفال العالم إلى 6%، وفي المملكة العربية السعودية تصل نسبة إنتشاره إلى 16%.
وتحتل المنطقة الشرقية المرتبة الأولى من حيث عدد الحالات المصابة 16.7% يليها الرياض 12.6% في المرتبة الثانية ثم محافظة جدة.
وقد يرجع سبب إرتفاع نسب الإصابة في المناطق الثلاث -الشرقية والرياض وجدة- إلى أنها مناطق عمل، وبسبب إنشغال الزوج والزوجة في أعمالهم، وإسناد مهمة تربية الأطفال إلى العاملات المنزليات، مما يفقد الطفل الإحتضان الأسري.
ويبلغ عدد المصابين بفرط الحركة وتشتت الانتباه نحو 2.5 مليون مصاب، كما أن نحو 40 في المائة من الأطفال المنومين في قسم الأمراض النفسية يعانون منه.
وعلى صعيد دول مجلس التعاون الخليجي، تصل نسبة الإصابة في دولة الإمارات إلى 14.9 %، أما في دولة قطر 11.1 %، حسب الإحصائيات الرسمية، كما إن نسبة الاصابة 6 للذكور مقابل 1 للإناث.
وهو ليس زيادة بسيطة في مستوى النشاط الحركي ولكنه زيادة ملحوظة جداً بحيث أن الطفل لا يستطيع أن يجلس بهدوء أبداً سواءً في غرفة الصف أو على مائدة الطعام أو في السيارة.
وبعض الآباء يزعجهم النشاط الزائد لدى أطفالهم فيعاقبونهم، ولكن العقاب يزيد المشكلة سوءاً، كذلك فإن إرغام الطفل على شيء لا يستطيع عمله يؤدي إلى تفاقم المشكلة.
50% من الأطفال المصابين يستمر معهم هذا الاضطراب إلى ما بعد المراهقة وسن الرشد، ويظهر بشكل أعراض أخرى كالفوضوية وحدة الطباع وعدم المقدرة على التعامل مع الأسرة.
[] أعراض المرض:
هناك ثلاثة أعراض رئيسية لهذه الإضطرابات تظهر إما بشكل متلازم تلازمًا كليًا أو تلازمًا جزئيًا أو منفردًا وهذه الأنماط هي:
1= النمط المشترك -combined type- وهو هيمنة الأنماط الثلاثة معًا،أي ضعف الإنتباه، والنشاط الزائد، والاندفاعية.
2= النمط الذي يسود فيه ضعف الانتباه -predominantly inattention type- وهو هيمنة سلوك ضعف الإنتباه بشكل أكبر من كلٍ من سلوك الحركة المفرطة، والإندفاعية.
3= النمط الذي يسود فيه النشاط الزائد -predominantly hyperactivity type- يظهر الأطفال الذين يعانون من هذا الإضطراب مجموعة الأعراض والتي لا ينبغي أن تكون جميعها متوفرة فيهم، وأهمها:
عدم الجلوس بهدوء والتحرك بإستمرار، التهور، الملل المستمر، تغير المزاج بسرعة، سرعة الانفعال، الشعور بالإحباط لأتفه الأسباب، عدم القدرة علي التركيز، التوقف عن تأدية المهمة قبل إنهائها بشكل مرضي، اللعب لفترة قصيرة بلعبه والإنتقال بسرعة من عمل إلى آخر، اللعب بطريقة مزعجة أكثر من بقية الأطفال، تشتت الإنتباه بسهوله عند وجود أي مثير خارجي، وجود صعوبة في إتباع التعليمات المعطاة، التكلم في أوقات غير ملائمة والإجابة على الأسئلة بسرعة دون تفكير، صعوبة في إنتظار الدور، التشويش الدائم وإضاعة الأشياء الشخصية، تردي الأداء الدراسي، الإستمرار في الكلام ومقاطعة الآخرين.
[] الأســـــباب:
لا زالت أسباب هذا الإضطراب غير معروفة، إلا أن هناك دراسات تشير إلى ما يلي:
ـ وجود اضطراب عند الطفل في المواد الكيماوية التي تحمل الرسائل إلى الدماغ.
ـ عوامل وراثية وإضطراب في الكروموسومات.
بعض الدراسات الحديثة تشير إلى أن قلة النوم عند الطفل على المدى الطويل قد تكون سببا في هذه الحالة، وأخرى تشير إلى تردي الحالة النفسية والإنفعالية للأم أثناء فترة الحمل بالطفل، أو طبيعة التنشئة الأسرية التي تتبع نظام التسامح الزائد أو الحماية المفرطة.
وتوجد دراسات أخرى تشير إلى أغذية الطفل التي تحتوي على المواد الحافظة والملونات والمشروبات الغازية.
[] الآثار المترتبة علي المرض:
يؤثر هذا الإضطراب على مدى تفاعل الطفل الإجتماعي مع الآخرين، فينفر منه أقرانه وينعته المعلم بالغبي مع أن مستوى ذكائه في المستوى الطبيعي، وكذلك تطلق عليه الأسرة ألفاظاً كالطفل الشقي وغيرها، ونتيجة ذلك عادة ما تكون الثقة بالنفس لدى الطفل ضعيفة والسبب انه يخاصم داخل البيت، وفي المدرسة، ولا يرغب به بقية الأطفال، ويفشل في دراسته، ولا يستطيع الإنجاز بالشكل الجيد المناسب، ويعاني أيضاً من التقلب السريع للمزاج وكذلك الإكتئاب والقلق.
إرتفاع نسبة الجرائم بين المرضي إلى نسبة 46 % مقارنة بنسبة 11 % لدى الأطفال غير المصابين بالمرض، بينما تصل نسبة الجرائم لدى البالغين 21 % مقارنة 1% فقط من غير المصابين.
[] ما هي الأسباب المؤدية لعدم التشخيص المبكر؟
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي لعدم التشخيص المبكر للحالة ومنها:
•= تجاهل سلوكيات الطفل وإعتبارها تصرفات طبيعية -شقاوة، دلع.
•= التدليل والحماية الزائدة من قبل الوالدين.
•= إهمال الطفل في وجود التفكك العائلي.
•= الإعتقاد بوجود تخلف عقلي لدى الطفل ومن ثم عدم تشخيصه.
•= وجود إصابة أخرى مرضية مثل ضعف السمع او النظر.
[] كيف تتعامل الأسرة مع هذا الاضطراب:
۱= عمل جدول دراسي مناسب يتم تنفيذه بعد العودة من المدرسة بحيث يتم تحديد الوقت لإنهاء الواجبات المنزلية والدراسية وأوقات اللعب والإلتزام به حرفياً.
۲= التجاهل للجوانب السلبية لدى الطفل وعدم التركيز على جوانب الضعف أو القصور لديه.
۳= ضرورة مكافأة الطفل لأي إنجازات دالة على إستجابته للتعليمات والإنتهاء من النشاط المحدد.
٤= تهيئة مكان الدراسة خالياً من كل المشتتات، صوتية كصوت التلفاز أو بصرية الرسومات واللوحات.
٥= يجب إعطائه مهمات يستطيع النجاح فيها في نهاية كل فترة حتى لا يصاب الطفل بالإحباط.
٦= تجزئة المهمات الصعبة إلى مهمات بسيطة -والإنتقال من البسيط إلى المعقد- مع جعل عملية التعلم شيقة ومصدر للمتعة بإستخدام الوسائل التعليمية المناسبة وأساليب التعزيز.
¤ تعليمات لزيادة التركيز والإنتباه من خلال:
* اطُلب منه بعد مشاهدته لصورة مدة 10 ثوان أن يذكر ماذا رأى في الصورة.
* اطُلب منه أن يجمع عدداً من الصور ثم يقوم بإلصاقها في دفتر خاص حسب موضوعات معينة كالحيوانات، الطيور، الخ، ويتم مكافأته لكل صورة ينجح في لصقها في المكان المناسب.
* اطُلب منه تجميع الصور المتقطعة بحيث يحصل على مكافأة إذا أنهى ذلك بنجاح.
* اطُلب منه كشف أوجه الشبه والإختلاف في مجموعة من الكلمات.
* اطُلب منه وضع دائرة حول حرف معين في نص مكتوب ويتم تعزيزه عن كل إجابة صحيحة.
* اطُلب منه وضع دائرة حول كلمة محددة ضمن نص مكتوب ويحصل على مكافأة لكل اجابه صحيحة.
* زيادة الإنتباه لكلمات مسموعة: من خلال الإستماع إلى شريط تسجيل حيث يُطلب منه أن يعيد بعض الكلمات التي سمعها ويتم مكافأته علي ذلك.
* يُعطى بعض الكلمات ويُطلب منه كتابة كل حرف على حده حيث يُكافأ على كل إستجابة صحيحة.
* اطُلب منه تركيب حرفين أو ثلاثة حروف منفصلة عن بعضها لتشكيل كلمة ذات معنى بحيث يُكافأ على كل إستجابة صحيحة.
¤ العــــلاج الدوائي:
تفيد المنبهات العصبية وعلى عكس المتوقع كثيرا في علاج فرط النشاط الحركي عند الطفل فهي تؤدي إلى هدوء الطفل وزيادة فترة التركيز عنده.
ولا تعطى هذه الأدوية إلا للأطفال ممن هم في سن المدرسة وأهمها الريتالين والدكسيدرين وهي لا تعطى ولا تصرف إلا تحت إشراف طبيب نفسي، وأهم التأثيرات الجانبية لهذه الأدوية هو الصداع والأرق وقلة الشهية.
العلاج الطبي أثبت فعالية في 80% إلى 90 % من الحالات بشرط مصاحبته للعلاج السلوكي السابق.
[] دور التغذية في علاج اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة
التدخل عن طريق التغذية يلعب دوراً مهماً في تحسين صحة مرضى إضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه، حيث إن لها تأثيراً مباشراً على الدماغ، وعليك بإتباع الآتي:
۱= الإبتعاد عند إعداد الطعام عن المكونات الصناعية، مثل: المُحلِّيات، النكهات الصناعية المعلبة، الزيوت المهدرجة.
۲= الإبتعاد عن العوامل التي تهيّج الجهاز الهضمي، مثل: الكافيين، حليب الصويا، النترات الموجودة في المواد الحافظة في الطعام المصنع لتثبيت اللون، المشروبات الغازية.
۳= الإبتعاد عن الأطعمة المقلية، والوجبات السريعة.
٤= عدم إستخدام قدور الألومنيوم، الأغطية أو الصحون البلاستكية، الميكروويف في الطبخ أو تقديم الطعام.
٥= التركيز على الأغذية الغنية بالعناصر الغذائية والخمائر -مثل الزبادي- ومصادر أوميغا 3، مثل الأسماك وبذور الكتان، البروتينات عالية الجودة مثل الدواجن والأسماك والعدس والفول.
٦= البدء بنظام غذائي منخفض الفينول، يحد من تناول الأطعمة عالية الفينول -بما في ذلك جميع المكونات الإصطناعية والفواكه الغنية بمادة ساليسيلات مثل: العنب، والجوافة، والأناناس، الخوخ، التوت، الفراولة وغيرها.
٧= إجراء إختبار حساسية الغذاءIgG- - والأخذ بعين الإعتبار أي مشكلات أخرى متعلقة بالجهاز الهضمي مثل: الإمساك أو الإسهال عند البدء بالنظام الغذائي المناسب.
* نقطة ضــــوء:
مشاهير تعرضوا للمرض....
ربما لا يعرف الكثيرون أن السباح الأمريكي مايكل فيليبس بطل أولمبياد بكين 2008، بحصوله على ثماني ميداليات ذهبية، كان مصابا بمرض إضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه.
حيث تم تشخيصه من طبيب معالج في السنة الخامسة الإبتدائية، وبدأ مراحل العلاج ومنها الأدوية، تحسنت حالته وإرتفعت علاماته من جيد ومقبول إلى جيد جدا.
وفي سن العاشرة برزت قدراته الرياضية ونمت وظهر حبه للسباحة، مما جعله يتحكم في تصرفاته لدرجة أنه كان قادرا على إنتظار دورة لعدة ساعات للاشتراك في إحدى مسابقات السباحة.
وهذا الإضطراب أصاب العديد من رجال السياسة والأدب والفن والثقافة وأبطال رياضيين، ومن أمثال هؤلاء: توم كروز، وهوبي جولدبيرج، بيل كلنتون، إبراهام لنكولن، الكوميدي بيل كوسبي، جورج بوشن وآخرين كثيرون إعترفوا بذلك في بداية حياتهم، ولكنهم حققوا نجاحات باهرة في مجال تخصصهم.
الكاتب: د. علي إسماعيل عبد الرحمن.
المصدر: موقع المستشار.